[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
نظرة على حياته (صلى الله عليه وسلم) حتى البعثة
الباب الأول وفيه فصـــلان
الأول : نظـرة على آبائه الكـرام
الثـاني : في حيـاته المفعمة بالبر والرحمة والعطف والإحسان حتى البعثة.
الفصل الأول
هو سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وباقي النسب إلى عدنان معروف.[1]
فمحمدالنبي
(صلى الله عليه وسلم) أزكى الناس نسباً وأعلاهم حسباً. "لم يزل ينقله
الله تعالى بالآباء الأخاير و الأمهات الطواهر،[2] أمة فأمة و قرناً فقرناً
حتى استخرجه الله في خير أوان وأفضل زمان. من أثبت محاتد أرومات البرية
أصلاً، و أعلى ذوائب نبعات العرب فرعاً، و أطيب منابت أعياص قريش مغرساً،
وأرفع ذُرى مجد بني هاشم سمكاً[3].
لم يعرف أحد من آبائه بالعنف
والقسوة ولا بالغلظة والفظاظة، ولابالظلم والعدوان، وكل ما حفظ لنا التاريخ
من صفاتهم وأخلاقهم وسيرهم وعاداتهم إن دل على شيئ فإنما يدل على كريم
شيمهم، وجميل أخلاقهم، وحميد عاداتهم، وحسن صفاتهم، ظاهراً وباطناً، من
الجمال والنضارة، والحنكة، والخبرة،والجود والسخاء، والكرم والوفاء، والمن
والعطاء، والصدق والأمانة، والعفة والنـزاهة، والأناة والتؤدة مع الشجاعة
والبسالة.
وقد قيل قديماً: "الولد سر لأبيه" فنظراً إلى هذا أرى أن
أذكر بعض صفات آبائه الكريمة لكي يعرف أن سيدنا محمداً (صلى الله عليه
وسلم) عريق في صفاته وخلقه, وأنه لم يكن هناك سبب ظاهر أن يتسرب إليه بعض
مايُعاب اُويلام به الرجل من الظلم أوالعنف وما إلى ذلك من صفات ذميمة,
لأنه قد يقال أن هذا الخلق ورثه عن أبيه, فليس هناك إلا البر والخير، فإن
ورث عن آبائه شيئاً فإنما ورث الصدق والأمانة والكرم والوفاء والأناة
والتؤدة والعطف والرحمة والشفقة على العباد و جميع ما يتعلق بمكارم الأخلاق
وجميل الشيم.
وجميع آبائه (صلى الله عليه وسلم) كذلك. ولما كان
قصي بن كلاب هو أول من جمع أمر قريش وظهر به فضلهم على غيرهم، رأيت أن أبدأ
به هذا الباب, ولا أعـرج على من فوقه.
قصي: ظل أمر مكة لجرهم من
زمن إسماعيل عليه السلام حتى غلبهم على ذلك خزاعة, وكانت فيهم سدانة البيت
إلى أن عظم شأن قصي بن كلاب و ظهر فضله فانتقلت إليه، و أذعنت له قريش و
أقروا بفضله, فانضموا إليه, فأزاحوا يد خزاعة عن البيت الحرام, و أجلوهم عن
مكة, حتى استب الأمر لقصي, و رجع الحق إلى نصابه, فكان قصي أول قريش أصاب
مُلكاً أطاع له به قومه، فكان سيداً مطاعاً: كانت إليه حجابة البيت و عنده
مفاتيحه، فلا يدخل أحد إلا بإذنه، و سقاية زمزم، ورفادة الحجيج، والندوة
التي يجتمعون فيها للمشورة، واللواء في الحرب, فحاز شرف مكة كله، و قطع مكة
رباعاً بين قومه، فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التي أصبحوا عليها,
و لهذا قال الشاعر:
قصي لعمري كان يُدعى مجمّعاً
به جمع الله القبائل من فهـر.[4]
قال
أبو عبيدة: ولما ولي قصي أمر مكة قال: يامعشر قريش! إنكم جيران الله و
جيران بيته و أهل حرمه، و إن الحاج زوّار بيت الله فهم أضياف الله، و أحق
الأضياف بالكرامة أضياف الله فترافدوا، فاجعلوا لهم طعاماً وشراباً أيام
الحج حتى يصدروا.
ولوكان مالي يسع ذلك قمت به، ففرض عليهم خرجاً
تُخرجه قريش من أموالها فتدفعه إليه، فيصنع به طعاماً و شراباً ولبناً وغير
ذلك للحاج بمكة وعرفة.[5] فجرى ذلك من أمره حتى جاء الإسلام.
وقال السهيلي: وكان قصي يسقي الحجيج في حياض من أدم ينقل إليها الماء من بئر ميمون وغيرها خارج مكة.[6]وذلك قبل أن يحفر العجول.
ثم حفر بئراً سماها العجول، و هي أول بئر حفرتـها قريش بمكة
و أحدث قصي وقود النار بالمزدلفة ليراها من دفع من عرفة.[7]
قال
الرشاطي: عرفت له قريش قدره و فضله، و عظمته و أقرت له بالرياسة، والسؤدد،
وكان أبعدها رأياً، وأصدقها لهجة، و أوسعها بذلاً وأبينها عفافاً.[8]
وعبد
مناف: واسمه المغيرة، وكان يلقب: قمر البطحاء، و ذلك لشدة جماله وكان أجمل
رجال قريش. و ساد في حياة أبيه وكان مطاعاً و ذهب به الشرف كل, مذهب, و
إياه عنى الشاعر بقوله:
كانت قريش بيضةً فتفلقت
فالمح خالصـه لعبد مناف[9]
قال البلاذري: وزعموا أنه وجد كتاب في حجر: أن المغيرة أوصى قريشاً بتقوى الله و صلة الرحم.[10]
هاشم: واسمه عمرو، وكان أكبر أولاد أبيه، فتولى الرفادة والسقاية.
وسمي
هاشماً لهشمه الثريد، هو أول من هشم الثريد لقومه بمكة و أطعمه الحجاج.
وذلك أن أهل مكة أصابهم جهد و شدة، فرحل إلى فلسطين فاشترى منها دقيقاً
كثيراً وكعكاً و قدم بذلك إلى مكة فأمر به فخبز ثم نحر جزوراً وجعلها
ثريداً عم به أهل مكة ولا يزال يفعل ذلك حتى استكفوا، وهو أول من سن
الرحلتين، رحلة الشتاء إلى الحبشة[11] و رحلة الصيف إلى الشام.
قال
الرشاطي: كانت قريش تجارهم لا تعدو مكة، وكانت الأعاجم تقدم عليهم بالسلع
فيشترون منهم، حتى ركب هاشم إلى الشام فنـزل بقيصر، وكان كل يوم يذبح شاة
فيصنع جفنة ثريد و يدعو من حوله فيأكلون، فذكر ذلك لقيصر أن هنا رجلاً من
قريش يهشم الخبز ثم يصب عليه المرق، ويفرغ عليه اللحم، وإنما كانت العجم
تصنع المرق في الصحاف، ثم تأتدم عليه بالخبز، فدعا به قيصر و كلمه فأعجبه
كلامه و أعجب به و جعل يرسل إليه و يدخل عليه، فلما رأى مكانه منه قال:
أيها الملك إن لي قوماً وهم تجار العرب، إن رأيت أن تكتب لي كتاباً تؤمنهم و
تؤمن تجارتهم فيقدموا عليك بما يُستظرف من أدُم الحجاز و ثيابه فيمكنّوا
من بيعه عندكم فهو أرخص عليكم. فكتب له كتاب أمان لمن أتى منهم، فأقبل هاشم
بالكتاب فجعل كلما مر بحي من العرب على الشام أخذلهم من أشرافهم إيلافاً، و
الإيلاف أن يأمنوا عندهم وفي طريقهم و أرضهم بغير حلف، إنما هو أمان
الطريق، فأخذ هاشم الإيلاف فيمن بينه و بين الشام، حتى قدم مكة فأعطاهم
الكتاب، فكان ذلك أعظم بركة. ثم خرجوا بتجارة عظيمة و خرج هاشم معهم يجوزهم
و يوفيهم إيلافهم الذي أخذ لهم من العرب، فلم يبرح يجمع بينهم و بين العرب
حتى ورد الشام. و مات في تلك السفرة بغزة.
و خرج أخوه عبد شمس إلى
النجاشي بالحبشة و أخذلهم كذلك. و خرج المطلب إلى حمير باليمن و أخذ لهم
كذلك، فكان يقال لهاشم و لعبد شمس وللمطلب ولنوفل، أولاد عبد مناف:
"المجيزون"، فسادوا كلهم. فقال فيهم عبد الله بن الزبعري t ، وقد نسب إلى
أبيه:
ياأيها الرجل المحوّل رحلــه
هلا نزلت بآل عبد مناف
الأخذون العهد من آفاقــها
والـراحلون لرحلة الإيلاف
والرائشون وليس يوجد رائش
والقـائلون هلُم للأضياف
والخــالطون غنيهم بفقيرهم
حتى يكون فقيرهم كالكافي
عمروالعُلا هشم الثريد لقومـه
سفرالشتاء و رحلة الإيلاف.[12]
وروى
الزبير بن بكار في الموفقيات، عن عمر بن عبد العزير رحمه الله تعالى قال:
كانت قريش في الجاهلية تحتفد، وكان احتفادها أن أهل البيت منهم كانوا إذا
سافت يعني هلكت أموالهم، خرجوا إلى برازٍ من الأرض فضربوا على أنفسهم
الأخبية ثم تناوبوا فيها حتى يموتوا خوفاً من أن يعلم بخَلَّتهم. حتي نشأ
هاشم بن عبد مناف فلما رَبَل و عَظم قدره في قومه قال: يا معشر قريش إن
العِزَّ مع كثرة العدد، وقد أَصبحتم أكثر العرب أموالاً و أعزَّهم نفراً،
وإن هذا الاحتفاد قد أتى على كثير منكم، وقد رأيت رأياً. قالوا: رأيك رشيد،
فمرنا نأتمر. قال رأيت أن أخلط فقرائكم بأغنياءكم فأعمد إلى رجل غني فأضم
إليه فقيراً عَدده بعدد عياله فيكون يؤازره فى الرحلتين رحلة الشتاء و رحلة
الصيف، رحلة الصيف إلى الشام و رحلة الشتاء إلى اليمن، فما كان في مال
الغني من فضل عاش الفقير و عياله في ظله، و كان ذلك قطعاً للاحتفاد. قالوا:
نعم ما رأيت. فألَّف بين الناس.
الاحتفاد: خفة العمل والإسراع فيه.
وروى
البلاذري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: والله لقد علمت قريش أن أول من
أخذلها الإيلاف و أجاز لها العيرات لهاشم، والله ما أخذت قريش حبلاً لسفر
ولا أناخت بعيراً لحضر إلا بهاشم.
وكان هاشم رجلاً موسراً، وكان
يقوم أول يوم من ذي الحجة فيُسند ظهره إلى الكعبة من تلقاء بابها فيخطب
فيقول: يا معشر قريش أنتم سادة العرب أنساباً، و أنتم أقرب العرب بالعرب
أرحاماً، يا معشر قريش إنكم جيران بيت الله, أكرمكم الله تعالى بولاية
بيته, و خصكم بجواره دون بني إسماعيل، حفظ منكم أحسن ما حفظ جار من جاره
فأكرموا ضيفه و زوار بيته، فإنهم يأتون شُعثاً غُبراً من كل بلد على
ضَوَامر كالقداح و قد أرحضوا[13] و تفلوا و قملوا و أرملوا[14]، فاقروهم و
أعينوهم، و لوكان لي مال يحمل ذلك كله كفيتكموه و أنا مُخرج من طيب مالي و
حَلاله مالم تُقطع فيه رحِم ولم يؤخذ بظلم ولم يدخل فيه حرام فواضعه، فمن
شاء منكم أن يفعل مثل ذلك فعل، و أسألكم بحرمة هذا البيت أن لا يُخرج رجل
منكم من ماله لكرامة زوار بيت الله و معونتهم إلا طيباً لم يؤخذ ظلماً ولم
يقطع فيه رحم ولم يؤخذ غصباً.
فكانت بنو كعب بن لؤى كلها تجتهد في
ذلك، ثم يخرجون ذلك من أموالهم حتى إن كان أهل البيت لَيرسلون بالشيئ
اليسير على قدرهم، وكان أهل اليسار منهم ربما أرسل بمائة مثقال هرقلية
فيأتون به هاشماً فيضعونه في داره دار الندوة.
وكان هاشم يُخرج في
كل سنة مالاً كثيراً. وكان يأمر بحِياض من أدَم فتجعل في موضع زمزم من قبل
أن تحفر زمزم ثم يستقي فيها من الآبار التي بمكة فيشرب الحاج. وكان يطعمهم
أول ما يطعمهم قبل التروية بيوم بمكة وبمنى و بجمع و عرفة, و كان يَثرد لهم
الخبز واللحم، والخبز والسمن والسويق والتمر، و يحمل لهم الماء، ويتفرق
الناس لبلادهم.[15]
عبد المطلب: ثم ولي عبد المطلب بن هاشم السقاية
والرفادة بعد عمه المطلب، فأقامها للناس، وأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون
قبله لقومهم من أمرهم، وشرف في قومه شرفاً لم يبلغه أحد من آبائه وأحبه
قومه وعظم خطره فيهم.[16]
وكان اسمه شيبة على ما ذكره ابن اسحاق و صححه السهيلي.[17]
وقد ذكر ابن إسحاق سبب تلقيبه بعبد المطلب.[18]
يقال له شيبة الحمد لجوده.[19]
كان
عبد المطلب من حلماء قريش و حكمائها، وكان نديمه حرب بن أمية بن عبد شمس
بن عبد مناف، وكان في جوار عبد المطلب يهودي يقال له أذينة وكان اليهودي
يتسوّق في أسواق تهامة بماله، فغاظ ذلك حرباً، فألب عليه فتيان قريش، فقتله
فتيان منهم، وجعل عبد المطلب لايعرف له قاتلاً، فلم يزل يبحث عن أمره حتى
عرف خبره، فأتى حرب بن أمية فأنّبه بصنيعه و طلب دم جاره، فأجارحرب قاتليه
ولم يُسلمهما و أخفاهما، وطالبه عبد المطلب بهما فتغالظا في القول حتى جعلا
بينهما نفيل بن عبد العزى من بني عدي جد عمر بن الخطاب، فلام حرباً و أثني
علي عبد المطلب وقال فيما قال لحرب إنه أجزل منك صَفَداً[20]، وأطول منك
مدداً. ولكن حرباً لم يرتض بحكم نفيل. فترك عبد المطلب منادمة حرب، و نادم
عبد الله بن جدعان من بني تيم بن مرة. ولم يفارق حرباً حتى أخذ منه مائة
ناقة ودفعها إلى ابن عم اليهودي و ارتجع ماله إلا شيئاً يسيراً كان قد تلف
فغرمه من ماله.
وكان لعبد المطلب ماء يدعى "الهرم" فغلبه عليه جندب
بن الحارث الثقفي في طائفة من ثقيف، فنافرهم عبد المطلب إلى الكاهن
القضاعي، فقضى لعبد المطلب، فلما قضى لعبد المطلب بذي الهرم استعار عبد
المطلب قدوراً ثم أمر فنحرت الجزائر، و دعا من حوله فأطعمهم، و بعث إلى
جبال مكة بجزائر منها، فأمر بها فنحرت للطير و السباع شكراً لله، فلذلك قال
أبو طالب ولده:
ونطعم حتى تأكل الطيرُ فضْلَنـا -إذا جعلت أيدي المُنيضين[21] تُرعد[22]
قال البلاذرى: وكان عبد المطلب يكثر زيارة أخواله و يَبُرّهم.[23]
وكان
عبد المطلب جسيما أبيض وسيماً طوالاً فصيحاً، ما رآه أحد قط إلا أحبه، و
شرف في قومه و عظم شأنه، وكان يعرف فيه نور النبوة و هيبة المُلْك. و
مكارمه أكثر من أن تُحصر, فإنه كان سيد قريش غير مدافع نفساً وأباً وبيتاً
وجمالاً وبهاءً وفعالاً. [24]
وحديث عبد المطلب مع أبرهة مشهور,ذكره ابن إسحاق بطوله.[25]
فانظر
كيف يتحدث عبد المطلب إلى أبرهة الذي جاء لهدم الكعبة، بأناة و تؤدة و رفق
و تأن, ليس فيه عنف و لا شدة و لافظاظة ولاغلظة، وآخر ماقال "إني أنا رب
الإبل و إن للبيت رباً سيمنعه"
قال الرشاطي: وكان عبد المطلب ممن حرّم الخمر في الجاهلية.[26]
عبد الله والد النبي صلى الله عليه و سلم :
كان رجلاً صالحاً، شاباًكريماً، جميلاً وسيماً، عفيفاً نزيهاً، رحيما ودوداً، قال الزهري: وكان أجمل رجال قريش[27].
ويروي
أنه دعته امرأة من بني أسد إلى نفسها لما رأت في وجهه من نور النبوة, ورجت
أن تحمل بهذا النبي، فتكون أمه دون غيرها فقال عبد الله حينئذ فيما ذكروا:
أما الحـرام فالحمـام دونه- والحـل لاحلَّ فأستبينـه
فكيف بـالأمر الذي تبغينه -يحمي الكـريم عرضه ودينه
ولم يلبث عبد الله أن توفي، و أم رسول (صلى الله عليه وسلم) حامل به.[28]
وقد
جاء ذكر عبد الله في الكتب المقدسة لدى الهندوس التي سيأتي ذكرها، وأنه
رحيم رؤوف، ففي باغفت فوران أحد الكتب المقدسة لدى الهندوسية:
إذا
حان أوان بعثة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في دار الأمن مكة يكون فيها
رئيس يسمي بعبدالله ذي الرأفة والرحمة، يبعث الرسول في بيته.[29]
وكان كذلك. وقد رثت آمنة أم رسول اللهr زوجها, وذكرت فيما قالت, رحمتَه و عطاءَه:
فإن يك غالته المنايا و ريبها
فقدكان معطاءًكثيرالتراحم[30]
يقول
الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي بعد أن ذكرآباءه (صلى الله عليه وسلم) :
وكان بنو هاشم واسطة العقد في قريش. و إذا قرأنا ما حفظه التاريخ وكتب
السيرة من أخبارهم و أقوالهم _ و هو قليل من كثير جداً _ استدللنابه على ما
كان يمتاز به هولاء من مشاعرالإنسانية الكريمة، والاعتدال في كل شئ، و
رجاحة العقل و قوة الإيمان بما للبيت من مكان عند الله، والبعد عن الظلم،
ومكابرة الحق، وعلو الهمة، والعطف على الضعيف والمظلوم، والسخاء والشجاعة،
وماتشتمل عليه كلمة "الفروسية" عند العرب، من معان كريمة و خلال حميدة،
السيرة التي تليق بأجداد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وتتفق مع ما
كان يفضله ويدعو إليه من مكارم الأخلاق، غير أنهم عاشوا في زمن الفترة،
وسايروا أبناء قومهم، في عقائد الجاهلية و عباداتها.[31]