إن رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن قاصرة على من عاصره من
المسلمين، بل كان صلى الله عليه وسلم مشغولاً دائمًا بأمته جميعًا، وذلك
في عمق الزمان والمكان، بل وإلى يوم القيامة، ولقد تعرضنا في الفصول
السابقة إلى مواقف من رحمته مع الصحابة }، ولا شك أن رحمته بأصحابه قد عادت
على الأمة جميعًا بالخير، لأن أفعاله وأقواله معهم لم تكن خاصة بهم،
ولكنها كانت تشريعًا ثابتًا سيظل معمولاً به إلى يوم القيامة، وفي هذا
الفصل - إن شاء الله - سنتعرض لطرفٍ من رحمته صلى الله عليه وسلم
بالمسلمين الذين سيأتون بعد زمانه صلى الله عليه وسلم ، فهو صلى الله عليه
وسلم لم يكن كزعماء الدنيا الذين ينظرون إلى أحوال أمتهم في زمانهم فقط
أما ما يأتي بعد ذلك فلا يهتمون به ولا يخططون له.. إنه كان صلى الله عليه
وسلم دائم الشغل بأمته في كل الأزمان، ودائم الفكر لهم، وهو ما ظهر في
كلمات كثيرة، وفي مواقف عديدة :