رحمته (صلى الله عليه وسلم) بالبنات والجوارى
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
وكان (صلى الله عليه وسلم) أرحم الناس بالصبيان ولا
سيما الجوارى والبنات إذ الإساءة إليهن أكثر.ومن أشد الإساءات أن بعضهم
كانوا يئدون بناتهم ويأنفون ولادتهن، يقول تعالى:
"وإذا بشر أحدهم
بالانثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به،
ايمسكه على هون، أم يدسه في التراب, ألا ساء ما يحكمون1".
حتى كان
أحدهم قد وأد ثمان بنات له, جاء قيس بن عاصم التميمى إلى رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) فقال إنى وأدت ثمان بنات لى فى الجاهلية, فقال له رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) أعتق عن كل واحدة رقبة، قال إني صاحب إبل قال
فأهد عن كل واحدة بدنة2.
وجاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)
وقص عليه ما كان له مع بنته حين يئدها, فلم يملك (صلى الله عليه وسلم)
نفسه وأمطرت عينه وابلاً من الدموع حتى اخضلت لحيته.
فقد روى
الدارمي أن رجلاً أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله،
إنا كنا أهل جاهلية وعبادة أوثان، فكنا نقتل الأولاد، وكانت عندي ابنة لي
فلما أجابت وكانت مسرورة بدعائى إذا دعوتها. فدعوتها يوماً, فاتبعتنى فمررت
حتى أتيت بئراً من أهلي غير بعيد، فأخذت بيدها فردّيت بها في البئر، وكان
آخر عهدي بها أن تقول يا أبتاه أبتاه!
فبكى رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) حتى وكف(3) دمع عينيه. فقال له رجل من جلساء رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) أحزنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له: كف فإنه
يسأل عما أهمه، ثم قال له: أعد علي حديثك، فأعاده فبكى حتى وكف الدمع من
عينيه على لحيته، ثم قال له: إن الله قد وضع عن الجاهلية ما عملوا فاستأنف
عملك.[1]
شدد النبي صلى الله عليه وسلم فى ذلك حتى انقلب المجتمع
رأساً على عقب، وأصبح الذين يئدون بناتهم يتخاصمون في أخذ يتيمة وتربيتها.
ففى حديث صلح الحديبية عن البراء أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دخل مكة
واعتمر وقضى ثلاثه أيام. يقول البراء فلما دخلها ومضى الأجل، أتوا عليّا
فقالوا قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الأجل، فخرج النبي (صلى الله عليه
وسلم) فتبعتهم ابنة حمزة: ياعم ياعم: فتناولها علي، فأخذها بيدها، وقال
لفاطمة عليها السلام، دونك ابنة عمك حملتها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر،
فقال علي: أنا أحق بها وهى ابنة عمي، وقال جعفر، ابنة عمى وخالتها تحتي،
وقال زيد: ابنة اخي، فقضى بها النبي (صلى الله عليه وسلم) لخالتها، وقال:
الخالة بمنـزلة الأم، وقال لعلي: أنت منى وأنا منك, وقال لجعفر: أشبهت
خلقي وخلقي، وقال لزيد: أنت أخونا ومولانا[2].
وقدحرض النبي (صلى الله عليه وسلم) على تربيةالبنات خاصةوبشربشارات عظيمةعليها.وفى ذلك أحاديث كثيرةلا يسع لها هذا المقام، منها:-
قول النبي (صلى الله عليه وسلم) من ابتلي من هذه البنات بشيءكُنّ له ستراًمن النار .[3]
وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه.[4]
وعن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة.[5]
وعن
ابن عباس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من كانت له أنثى فلم
يئدها ولم يُهنها ولم يؤثر ولده عليها- يعنى الذكور – أدخله الله الجنة[6].
وكان رخص لهن في الغناء إذا لم يكن فيه معصية الله.
فعن
عائشة رضى الله عنها قالت دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعندى
جاريتان تغنيان بغناء بُعاث، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، فدخل أبوبكر
فانتهرني[7] وقال: مزمار الشيطان عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟
فأقبل عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :فقال "دعهما".
وفي رواية فانتهرهما أبوبكر فكشف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عنه وقال: دعهما يا أبابكر فإنها أيام عيد[8] .
وكان
يردف الجواري كذلك، قد أخرج محمد بن اسحاق في السيرة عن امرأة من بنى غفار
قالت: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في نسوة من بنى غفار: فقلنا
يا رسول الله! قد أردنا أن نخرج معك إلى وجهك هذا، وهو يسير إلى خيبر،
فنداوي الجرحى ونعين المسلمين بما استطعنا، فقال "على بركة الله" قالت:
فخرجنا معه، وكنت جارية حديثة، فأردفنى: رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
على حقبة رحله – فذكر الحديث بطوله[9].